المرأة والثورة ...

حين سمعت أن الشعوب العربية نهضت من ثباتها وأن تونس اعلنت ثورتها ضد الفساد ومع شعارات تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية إنتابني شعور بالفرح وقلت حينها انه لربما الان حان وقت للمرأة العربية ان تنال حقوقها المضطهدة ربما من خلال سن قوانين تنصفها لأنه من الصعب تغيير نشأة بنية اجتماعية لها الاف السنينين بين ليلة وضحاها، وحتى النساء العربيات وضعن سقف عالي لنجاح الثورة وعلقن امالهن في تحقيق العدالة اجتماعية من حيث الجنس واللون والدين والحالة الاجتماعية، لكن مع تتبعي لهذه الثورات وخاصة لتونس ومصر و سرقة هذه الثورة من بين أيدي الشباب من قبل الاخوان المسلمين في المنطقة (وهذا برأيي تصفية تدريجية للثورة حيث في مصر عندما قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بالانقلاب العسكرى الذى أطاح بالرئيس السابق لحماية النظام وليس العكس كما يزعم المجلس العسكرى وحلفاؤه من الإخوان المسلمين والسلفيِّين والليبرالية وقادة وأنصار الحزب الوطنى). لهذا سميت ذلك بتصفية الثورة.

 كانت المرأة تخرج جنبا إلي جنب مع الرجل للكفاح ضد الظلم والاضطهاد بكافة أشكاله ضمن إطار مبادئ الثورة «الكرامةوالعدالة الاجتماعية والحرية»،حيث لا يمكننا تجاهل الدور المهم الذي قامت به أسماء محفوظ عندما أشعلت فتيل الثورة بتحفيز الشباب على تظاهرات 25 يناير. لكن ما بعد الثورة أو هدؤ ها ان صح التعبير وفوز الاخوان في المقاعد تحول دورها هنا الى تهميش أخر نظراً الى بعض التصريحات ودعوة  الى جلوس المرأة في البيت وانشغالها في تربية اطفالها وخدمة الرجل وتبريرا منهم ان هذا القرار للحد من البطالة في مصر كأن المرأة هي كانت مشكلة في بطالة الشباب وليس العجز الاقتصادي 
حتى في الانتخابات كان هناك تغييب لدور المراة، ولنمعن النظر في الاحزاب الاسلامية التي اظهرت لنا انها تؤمن بمشاركة المرأة في السياسة عندما رشحت ناشطات أنفسهن   لكن في الدعاية الاعلامية للانتخابات كان تنشر المرشحة صور زوجها ويكتب عليها زوج فلانة الفلانية المرشحة للانتخابات ولم تحصل المرأة على مقاعد في الانتخابات فقد حصلت في تونس على مقعدين فقط ، وكانت تجيش النساءفي أوقات الانتخابات لصالح الأحزاب ومرشحيها الذكور؟ 
 غيبت تماما من الدور السياسي ظنا من بعضهم ان هذا الحال الذي يمر بالمنطقة وضع صعب ويحتاج الى قيادة وتكتيك وتحمل اكثر وربما تستطيع المراة فقط الوصول الى هذه المناصب في حالة السلم ظناً منهم ان المراة غير مؤهلة لاتخاذ القرار الصحيح ولا تستطيع القيام بأدوار قيادية.
ناهيك .. وفي حالة الفتاة التي سحلت من قبل العسكر  عندما خرجت بعد سقوط النظام في مصر لم ينظر اليها الاعلام العربي ولا حتى هؤلاء الاحزاب الاسلامية التي تدعي الليبرالية على انها انسان له حقوق وما خضعت له هو تعدي على قانون حقوق الانسان رغم ان الفيديو يكشف ايضا شاب بجانبها تعرض لنفس الحادث لكن قامت الدنيا ولم تقعد بسبب تسحيلها وكشف اعضائها الداخلية وظهر ت فتاوي من الاسلاميين على شاشات التلفاز بين تحليل وتحريم لازلنا ننظر للمراة على انها جسد.
اما في تونس قد صعقت لنتائج الانتخابات عندما فاز ايضا حزب النهضة الاسلامي رغم ان تونس وفي نظامها القمعي السابق كانت المرأة أكثر تعليماً  نسبة للبلاد العربية الأخرى ، فقد حصلت المرأة التونسية على مكتسبات تشريعية مهمة على صعيد الأحوال الشخصية. وقطعت تونس في سن تشريعات وقوانين هدفت إصلاح وضعية المرأة وحماية موقعها الاجتماعي،
وفي أثناء الثورة نزلت المرأة الى الشارع جنبا الى جنب مع الرجل و قد ساهمت وعجلت بإسقاط نظام بن علي، وذلك في سبيل تحقيق ونيل حقوق وانجازات تنصفها على جميع الأصعدة  لكن ثمار الثورة كانت ذكورية، ولم تحصل الا على وزارتين.
فان العمل السياسي بالنسبة إلى المرأة لا يقتصر على مجرد الحضور الشكلي بالمنابر والمجالس السياسية العامة حتى تكون الصورة التسويقية كاملة وجيدة بل هو أعمق من ذلك بكثير.
فكيف للمرأة ان تأخذ حقوقها في ظل نظام اسلامي ليبرالي ينظر لها بمنظور التحريم والتحليل حيث انها وفي ظل النظام السابق الذي كان يدعي العلمانية لعدة سنوات ناضلت حتى حصلت على بعض الحقوق فكيف الان في ظل نظام  لا يعترف منذ الأذل في حق المرأة في كثير من مجالات الحياة وينظر الى دروها الحقيقي في البيت ولخدمة وطاعة الرجل ويتعامل معها على أنها جسد وانها تفكر من منطلق عاطفي في الأمور لكن الرجل يفكر بشكل عقلاني،
للأسف على المرأة الان تكثيف جهودها أكثر مما قبل للحفاظ على حقوقها والمطالبة بحريتها .
نتائج الثورة الحقيقية لن تكون الا بتغيير شامل للمجتمع سياسيا واجتماعيا واقتصاديا .. وتغيير نظرته للمراة وقناعته أنها قادرة على اتخاذ القرار و على أنها
قادرة على التمثيل في مناصب قيادية فاعلة في المجتمع .. وعلى أنها انسان له حقوق وواجبات..
..  ...قد يعود مجمل هذه المعاناة، إلى مشهد، اجتماعي-اقتصادي-ثقافي-ديني معقد ومتخلف. معقد بأهدافه ومتخلف بأدواته
فمن تكون قادرة على تدبير مجتمع صغير في بيتها اقتصادياً واجتماعياً 
 و تتمتع بنفوذ في تربية الأولاد وتوجيههم وإدارة شؤونهم فهي قادرة على ادارة مجتمع أكبر ، 
 "الأم مدرسة إن اعددتها أعدت شعباً طيب الاخلاق". 

تعليقات

المشاركات الشائعة