الأخصائية والمرشدة النفسية في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال اّيات ذوقان

حين تسمع صوتها وهي تشد الرحال من بعيد لتأتي مبتسمة نحوك تشعر انك ملكت الدنيا، فما بالك لو كنت طفلاً يغمرك الخوف سوف تجد باقة زهور معطرة متجهة اليك، انها الأخصائية والمرشدة النفسية في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال اّيات ذوقان وأحد أعضاء شبكة ديار المدنية الثقافية.
حاورتها تغريد العزة....


آيات حدثينا عن مشوارك العملي ومن هي آيات؟
ولدت في مدينة جرش شمال المملكة الأردنية الهاشمية لكن للعودة إلى الأصل  أنا من يافا ”مدينة الجمال“ لاجئة فلسطينية، بدأت مسيرتي  التعليمية في جرش ومن ثم انتقلت أنا وعائلتي الى فلسطين كون والدي يريد الاستقرار في الضفة الغربية بعد غياب دام اكثر من ٢٥ عام خارج فلسطين  انتقلنا الى مدينة نابلس حيث الأهل  في مخيم بلاطة. وعند وصولي مدخل المخيم كان هناك لافتة مكتوب عليها (أهلا وسهلا بك في مخيم بلاطة – محطة الانتظار حين العودة) لفتت نظري ولكن لم أفهم معناها سابقاً و مع تعايشي في المخيم والعيش فيه بدأت تتجسد المفاهيم وتوضح الأمور لي أكثر فأكثر وما هو المعنى من ذاك أنهيت دراستي الجامعية في جامعة النجاح الوطنية في قسم علم نفس – الإرشاد النفسي التخصص الذي قمت باختياره عن محبة كوني سابقاً بدأت بدراسة في قسم الرياضيات كان هناك رفض كبير عن موضوع التحويل كوني طالبة في الثانوية بالفرع العلمي وبالنهاية أقوم باختيار في الجامعة تخصص لا يتناسب مع طلاب العلمي لكن حبي للتخصص ساعدني على إقناع أهلي بتغييره وعليه تم الموافقة ولكن بشرط أن أقوم خلال دراستي اجتياز دورات عديدة منها مواضيع تتعلق ببناء الشخصية والمهارات الحياتية ومنها ما تتعلق ببرامج الحاسوب، وبناءاً على كل ذلك اكتسبت العديد من المهارات  التي ساعدتني في تحسين وتطوير شخصيتي أكثر فأكثر.

لماذا اختارت آيات المنظمة العالمية للدفاع عن الطفل هل هذا مرتبط بقصة شخصية؟
بالبداية تخصص علم النفس يحتاج إلى جهد كبير لأي طالب لكي ينال وظيفة كونه هناك عدد كبير من الخريجين بهذا التخصص بدأت بالتطوع في مؤسسات المجتمع المحلي ومشاركتي في دورات في آن واحد، كان الأمر مرهق بالنسبة لي لأنه كان يستنزف وقت وجهد كبير قبل اختياري الحركة العالمية كنت متدربة في وحدة الصحة النفسية في مديرية الصحة  والتي تتعلق بالأمراض والاضطرابات النفسية وأيضاً متطوعة في مركز يافا الثقافي في  التدريب على كيفية التعامل مع الحالات النفسية وأيضاً عملت ورش توعوية لطلاب مدارس وكالة الغوث وعقدت جلسات إرشاد جمعي للطلاب والطالبات اللذين يعانون من مشاكل أسرية أو مشاكل سلوكية.
 وأيضاً تطوعت في مؤسسة انجاز ونظمت هناك عدة دورات تخص القيادة المجتمعية و بالريادة. وغيرها من المؤسسات القاعدية التي غابت عن ذهني حالياً، وشاركت بالعديد من المبادرات الشبابية خلال رحلتي في التطوع داخل المؤسسات.

 تم اختياري في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال ورشحت  لتطوع  بالفترة الأولى لم أكن أعلم عنها سوى أنها تقوم بتدريب الأطفال على حقوق الطفل وأليات الحماية وأشكال الإساءة وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال لكن بعد عملي التطوعي هناك تبين أن هناك عدد كبير من الخدمات التي تقدمها منها :-
*  الاستشارات القانونية والتمثيل قانونيا أمام المحاكم الفلسطينية للأطفال.
*  الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في خلاف مع القانون الأطفال ضحايا العنف المجتمعي.
*  ارشاد أسري لأطفال ضحايا العنف أو أطفال في خلاف مع القانون.
*  توعية وتثقيف في حقوق الطفل.
*  بناء وتنمية قدرات الأطفال والعاملين معهم في مجال حقوق الطفل.


وصولي لهذه المؤسسة ليس بالأمر السهل وكنت بحاجة لإثبات وتجسيد كل قدراتي وإمكاناتي في العمل داخل المؤسسة، وأصبحت رسالة ورؤية المؤسسة جزء من هويتي كوني استمريت أكثر من ثمان شهور متطوعة وبشكل يومي.
 زادت رغبتي بالبقاء كون الأهداف التي تسعى  المؤسسة لوصولها  أصبحت تؤثر بي بشكل كبير جدا ًوهذا ما جعلني اختارها كوظيفة من خلالها أصبحت أقرب وألاحظ  الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال والتعامل معهم بشكل مباشر. 
الجلوس مع أي طفل معرض لانتهاك يختلف بشكل كبير عن سماع الموضوع من خلال الاعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى من المجتمع المحلي، زاد ايماني وتعلقي بما افعله لانني أساهم ولو بجزء بسيط للتخفيف من الضغط الواقع على الطفل ليشعر بان هناك أشخاص يقدمون له الدعم. 
حدثينا عن طفولة آيات؟
لا أذكر تفاصيل ممكن أسردها عن طفولتي ولكن ما استنتجته أن طفولتي كانت هادئة كوني أعيش ضمن عائلة مستقرة ويسودها الود والاحترام المتبادل ونسعى جاهدين لإسعاد بعضنا البعض،  تعرضنا لظروف صعبة ولكن ارتباطنا العائلي ساعدنا على تخطي هذه العقبات، كنت أستغرق وقتي باللعب في زقاق المخيم والنوادي الصيفية  وتحفيظ آيات من القران الكريم هذا ما استطيع قوله عن طفولتي.

ما القضايا التي تدافع عنها هذه الحركة؟

الأطفال المعتقلين لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي وذلك بهدف توثيق اجراءات المحاكم السوق العسكرية الصورية وليست من باب الاعتراف بها كمحاكم
الأطفال في خلاف مع القانون المعتقلين من قبل جهاز الشرطة الفلسطينية على قاعدة أنهم ضحايا البيئة والمجتمع الذي يعيشون فيه.
رفع شكاوي في حال تعرض للانتهاك او الاحتجاز لدى أجهزة الأمن كنوع من أنواع الضغط والمناصرة  في تحسين ظروف وواقع الأطفال و كرقابة على انفاذ وتنفيذ القانون .
تقديم استشارات قانونية للأطفال وذويهم 
تقديم خدامات الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في خلاف مع القانون وضحايا العنف والأطفال المعرضين للخطر.
في ظل الاحتلال الذي لا يفرق بين طفل أو شيخ، والاعتداءات المتكررة على أطفالنا هناك العديد من معتقلين الاطفال  قي سجون الاحتلال، كيف تتعامل الحركة مع هذا القضايا، وهل دورك هنا التعامل مع هذه الحالات والتخفيف مما يتعرضون له من خوف وقلق؟
في البداية تقوم المؤسسة بتقديم المساعدة قانونية وزيارات في السجون الإسرائيلية بالمجان وبدون اي عائد مادي من قبل المحامي الموكل للطفل  بعد خروج الطفل يتم توثيق من قبل الباحث الميداني للانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأطفال.
  بعد ذلك تقوم وحدة المناصرة التي من  أهدافها بشكل أساسي، تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الأطفال الفلسطينيين، والعمل باتجاه ضمان مسائلة مرتكبي هذه الانتهاكات. وتبرز آليات عمل هذه الوحدة، من خلال تقديم تقارير لمؤسسات الأمم المتحدة، مثل لجان مراقبة الاتفاقيات، كلجنة حقوق الطفل، ولجنة مناهضة التعذيب، ولجنة حقوق الإنسان. وكذلك تقديم تقارير للمُقرّرين المختصين في الأمم المتحدة كمقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمقرر الخاص لموضوع التعذيب. بالإضافة إلى تقديم تقارير ومداخلات لمجلس حقوق الإنسان، والعمل مع هيئات الأمم المتحدة المختلفة. وتقوم الوحدة بفضح الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأطفال من خلال وسائل الإعلام، ومن خلال التواصل مع مؤسسات حقوق إنسان دولية واتحادات عالمية 
 بالنسبة لي فيما يخص الأطفال الأسرى المحررين يتم تحويل الأطفال إلى جمعية ذوي اختصاص والتي تتعامل مع الأطفال الأسرى لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم للتخلص من جميع الضغوطات التي تعرض لها فترة الاعتقال والتخفيف من الاضطرابات والآثار التي نجمت عنه نتيجة هذه التجربة التي مر بها.
ومن ناحية وقائية الباحثين الميدانيين في المؤسسة يقوموا بعمل ورش تحت عنوان ”اعرف حقوقك أثناء الاعتقال“ والتي تركز على كل ما يتعلق بفترة الاعتقال وما لهم من حقوق وكيف من الممكن أن يتجنبوا أي إشكاليات ممكن أن يمروا بها أثناء فترة التحقيق والاستجواب ويتم تنفيذها في المدارس 

وفي نهاية كل لقاء يتم توزيع منشور يوضح محاور الورشة وأيضا النقاط التي يجب التركيز عليها وأسم ورقم المحامي في حال تعرض أي طفل للاعتقال أو أحد زملاءه بأن يتم مراسلة المحامي بأي وقت وبشكل سريع.

إن حقوق الأطفال وحمايتهم لا تنبع فقط من كونهم الفئة الأضعف في الـمجتمع، بل لكونهم عماد الـمستقبل، إذ يشكلون الـموارد البشرية الضرورية التي ستأخذ على عاتقها تطوير وتنمية الـمجتمع. ما  مدى تمتع الطفل الفلسطيني بحقوقه؟

رغم كل ما يحيط بالطفل الفلسطيني من ظروف إلا انه لا زال ينتزع  تلك الحقوق وان كانت منقوصة فنحن نعلم أن المستقبل الفلسطيني مشوش وغير واضح المعالم على كافة الأصعدة وبما أن الطفل الفلسطيني هو ذلك المستقبل فإنه ما زال يسعى جاهداً للوضوح والرؤية التي تتجلى في تكريس الحقوق والحماية والمشاركة التي تصلب قوام وفكر الطفل ليكون مستقبله زاهداً وهذا ما يتطلب منا جميعا السعي الحثيث للوصول لتمتع الأطفال بحقوقهم لأن تطبيق ذلك يعني وضوح المستقبل.

إن الطفولة مرحلةٌ حاسمة ومهمة في بناء شخصية الإنسان وتكوين مفاهيمه ومعارفه وخبراته. ما مدى تطبيق ما جاء  في نص الـمادة (٢٩) من القانون الأساسي الفلسطيني،  في ظل ارتفاع نسبة الاعتداءات والمعاملة القاسية في مجتمعنا أم مازلنا نتأرجح بين النظرية والتطبيق؟
بالنظر الى منظومة القوانين الفلسطينية والتي تجلت مؤخراً في القرار بقانون حماية الأحداث رقم ٤ سنه ٢٠١٦ وقانون الطفل الفلسطيني  المعدل سنة ٢٠٠٤ وما تم الانضمام إليه من اتفاقيات ومواثيق دولية من أهمها اتفاقية حقوق الطفل الدولية سنة ١٩٨٩ يدرك أن الجانب النظري و لا مجال للشك في حماية الطفولة ومنع كافة إشكال الاستغلال وسوء المعاملة ولكن بالنظر الى جانب التطبيق الذي رغم تطوره البطيء الا أنه لا زالت الثقافة تختلف عن الجانب النظري (نصوص القوانين) ذلك ان غياب الرقابة على التطبيق وغياب المجلس التشريعي، وتمادي نفوذ السلطة التنفيذية بل غياب دور السلطة القضائية جعل التطبيق يتراوح مكانه تارة ويتراجع ويتقدم تارة أخرى مما يعني أن منظومة القوانين وان كانت منظورة إلا أنه لا بد وأن يحاكي ثقافة المجتمع حتى نعمل إلى الوصول للهدف الحقيقي من تلك القوانين بمنظور التطبيق معيار الحقيقة.

من خلال عملك ما هي  الحالة التي نالت إعجابك وحماسك للعمل معها؟

جميع الحالات التي أقوم بمتابعتها خلال العمل أشعر  بنفس الحماس أيا كان نوعها سواء طفل في خلاف مع القانون أو ضحية عنف مجتمعي أو طفل مهدد للخطر ولا أنظر للطفل سوى أنه ضحية نتيجة الظروف التي عاشها والتي كانت سبب لوصوله لمثل هذه الظروف مقارنه مع أطفال في سنه، وهنا أسعى جاهدة لكي أقدم كل ما بوسعي لمساعدة الطفل وتمتعه بالاستقرار وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي له وأشعر بالراحة النفسية عندما أرى الأثر  واضح وينعكس بشكل ايجابي على الطفل وأصبحت ظروفه أفضل مما كانت عليه في السابق من ناحية سلوكية أو أسرية أو من ناحية أكاديمية أو أي جانب آخر.

 ما هي رسالتك للعالم أيات؟
هناك عبارة قالها تشي جيفارا ”أينما وجد الظلم فذاك هو وطني“ لو كل إنسان منا وهو في الحي الذي يعيش به يفكر كما كان جيفارا سابقا يتبنى ويجسد هذه العبارة لوجدنا حب واحترام وسؤال كل جار عن جاره يشعر به ويسأل عنه قبل سؤاله عن نفسه، مهتم ويشاركه أحزانه وأفراحه يعلم احتياجاته، يساعده بالقدر الذي يستطيع لما وصلنا الى هذا الحد من الفجوة والتي بدأت تتزايد حتى بات حبل  الوصال بين الناس ينقطع ولا يوجد أي مسؤولية ولا حتى انتماء. 

 ونتاج ذلك الانتهاكات التي تصدر بحق   أي شخص والظلم الواقع أصبح  الظلم   باعتقادي ظاهرة مجتمعية وكل ذلك نتيجة أن كل واحد منا لا يفكر سوى بنفسه ولا يرى أبعد من أنفه.
أتمنى أن يعود زمن جيفارا وننظر بمنظوره ونشعر كما كان يشعر.

”أينما وجد الظلم فذاك هو وطني“




x




تعليقات

المشاركات الشائعة