النساء والتَنوع الحيوي


النساء والتَنوع الحيوي

الحياة، الطبيعة، وكوكب الأرض قد تعرضت عموماً إلى ميزات الإناث عبر الحضارات والأزمنة  المختلفة. فبعض الثقافات القديمة كرست المرأة وصورتها كالآلهة. "غايا" ألهة الأرض عند الإغريق، كانت تقدًس كرمز "الأم" لعدة عقود.
ان مفاهيم الخصوبة، الانجاب، الولادة والتجدد كانت دائماً مرتبطة بالاناث بسبب دور المرأة الطبيعي في الحمل، وبالتالي ضمان استمرارية هذه الأنواع.
كما أن دور المرأة في رعاية الأطفال وتوفير المستلزمات الأساسية أدى الى أن تكون النساء المستخدم الأساسي للموارد الطبيعية لأغراض غير تجارية  كإعداد الطعام، الملبس، المأوى والدواء. لذلك، هناك صلة قوية بين النساء والتًنوع الحيوي.
بالنسبة الى بعض المجتمعات المحلية، يعتبر التًنوع الحيوي كأساس لعمل المرأة، حيث تعَد أنشطتها اليومية دليلاً واضحاً  على الممارسات الثقافية المحلية.

من الناحية التاريخية، فقد تم الاشارة الى أهمية  دور المرأة  في المجتمعات الزراعية، كما هو الحال في فلسطين، اذ تتولى المرأة العديد من الأنشطة الزراعية جنباً إلى جنب مع الرجل في إعداد الأرض للزراعة وحصاد ثمارها.
وكان هناك مهمة أخرى للنساء ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتَنوع الحيوي ألا وهي جمع النباتات الطبية، والتي يمكن استخدامها لعلاج أمراض مختلفة، بالإضافة إلى أنواع أخرى من النباتات ذات قيم اقتصادية أو صناعية، اذ يتم استخدام بعض هذه الأنواع  كأعلاف ووقود أو حتى كسماد ومبيدات حشرية.

ولذلك فإن المعرفة التقليدية للنساء في هذا الاطار تعتبر دعامة أساسية، لأن رفاه المجتمع يعتمد على هكذا خبرات، والحفاظ على هذه المعرفة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على التَنوع الحيوي.
 إن هذه المعرفة البيئية المكتسبة، والتي تنبع من الأجيال التي تعيش على اتصال وثيق مع الطبيعة، ترتبط أساساً مع النساء حيث يستطعن بسهولة نقل هذه المعرفة لأطفالهن.

هذا النوع من المعرفة يشمل معلومات عن مواقع، الأساليب التقليدية  وغيرها من العوامل، موضحاً الأنماط المكانية وتوقيت النظم الإيكولوجية.
و نظراً إلى الإدارة الحكيمة في استخدام الموارد الطبيعية،  فقد شددت الكثير من الاتفاقيات الدولية التي تنص على الحفاظ على التًنوع الحيوي و بالدور الرئيسي الذي تلعبه المرأة في دعم مفاهيم حماية البيئة من خلال خبراتهن التقليدية البيئية المكتسبة، ولا سيما في دول العالم النامي.
 فعلى سبيل المثال، الاتفاقية العالمية للتنوع الحيوي واتفاقية التصحر،  تعترف بالدور المحوري للمرأة كقائدات في العالم الطبيعي.
 على الرغم من هذا الاعتراف المتزايد على المستوى الدولي، محلياً  لم يبذل سوى القليل لتوضيح طبيعة العلاقة بين التنوع الحيوي والأنشطة والمسؤوليات وحقوق المرأة. وبالتالي فإن  مساهماتها في المحافظة على البيئة لازالت غير واضحة بالشكل  السليم واللائق.

ومن بين القوى التي تهدد خبرات المرأة التقليدية في البيئة ومركزها الإيكولوجي هو التحديث الواسع النطاق للزراعة وتدمير التنوع الحيوي من خلال وسائل مختلفة مثل التكنولوجيا الأحيائية، إلى جانب محدودية فرص الحصول على التعليم والخدمات، الأمر الذي شكل  انقباضاً كبيراً في هذه الخبرات المتوارثة.

وبالتالي، فإن مشاركة المرأة وتمكينها ضروريان لضمان الإدارة السليمة للموارد الطبيعية. ويستلزم التمكين في هذه الحالة تحسين ظروف المرأة الريفية بدورها كمساهمة ومنتفعة  من المعرفة البيئية المحلية.

وعند القيام بذلك، يجب تعزيز مشاركة المرأة في إدارة التًنوع الحيوي وصنع القرار ويجب أخذ بعين الاعتبار دور المرأة في زيادة رفاه المجتمع. وهي تسهم إسهاماً كبيراً في رفاه مجتمعاتها وتنميتها، وفي الحفاظ على النظم الإيكولوجية للأرض والتًنوع الحيوي والموارد الطبيعية.



                                                                                                   



تعليقات

المشاركات الشائعة