الشعب الفلسطيني... شعب الصحافة


ما يلفت النظر دائما فيما يتعلق بتناقل الأخبار وسط الشعب الفلسطيني لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى صحفات المواقع الاخبارية الفلسطينية هو أن الكل صحفي, والصحفي لا مكان له.

فمجرد وقوع حادثة ما تنطلق البوستات على الفيسبوك والتغريدات على تويتر وحتى الصور على انستغرام تتناقل الأخبار التي تكون كاذبة, أو مشوهة, أو محرفة, أو لا صحة لها في الواقع, تغزو هذه الأخبار جميع الأذهان حتى تترسخ كحقيقة ثابتة لا ريب فيها ولا شك بصحتها.

وهو ما يترتب عليه في نهاية المطاف تحوير في الواقع, فعلى سبيل المثال استيقظت صباح اليوم لأجد الفيسبوك غاص عن بكرة أبيه بأخبار استشهاد أحمد جرار, جميع البشر ينعون الفقيد ويتغزلون في الشهيد ويلعنون العميل, ولكن لحظة واحدة! ألا يجب أن نتوقف هنا لبرهة.

العائلة نفت استشهاد ابنها, الصليب الأحمر نفى أن يكون قد استلم أي جثة أو تلقى حتى خبرا واحد, والشهود في مكان الحادث يؤكدون أنه لم تنتشل جثة واحدة من المكان, بل إنه لا يوجد جثث أصلا في المكان, لذا حبا بالسماء من أين انطلق ذلك الخبر, الإجابة بسيطة من الاعلام العبري, وهو ما يضعنا أمام المعضلة الجديدة, هل نستقي أخبار ما يحدث في بلدنا من الاعلام العبري ونكرره كالببغاوات دون حسيب أو رقيب, ودون تمعن أو تدبير.

هنا يجثم سؤال آخر بقوة أعمق, أين اعلامنا الفلسطيني؟, أين صحفييونا؟ أين وزاراتنا؟ أين مؤسساتنا؟, ألا يتواجد لدينا منظومة اعلامية قادرة على تقصي الحقائق؟ أم أن الاعلام بات فقط لنشر صور الطيور والمسؤولين والتغني بهم؟, ألا يتواجب على الصحفي أن يكون في مكان الحدث يتحري الدقة والصحة  في الأخبار؟, أم أنه هو الآخر بات ينتظر ما ينشر في الصحافة العبرية حتى ينقلها إلى متابعيه كمصدر موثوق للأخبار؟.

وهذا الغياب الحقيقي لمنظومة اعلامية قديرة ومتمكنة لها القدرة على التعامل مع الأحداث أولا بأول, لها القدرة على نقل الأخبار بالأمانة والمهنية والحرفية المطلوبة لعمل من هذا النوع, الغياب لوزارة رسمية قادرة على نقل الخبر بصحة وإيصال الحقيقة للمواطن, هو ما يدفع بنصف الشعب الفلسطيني ليتحول إلى صحفيين, لينقل الأخبار الكاذبة التي لصقها ونسخها عن صفحات غيره, أكانوا أصدقائه ام صفحات اعلامية وإخبارية لا فرق.

ففي فلسطين لسنا فقط بلد المليون راصد جوي, بل نحن أيضا بلد المليون صحفي. 

تعليقات

  1. صدقتي المفروض على نقابة الصحافيين ان تعيد النظر بهذا الموضوع وان تعمل على توعية المواطنين بخطورة هذا الموضوع خاصة فيما يتعلق باخبار اصابات واستشهاد فقد تؤدي اخبار كاذبة واشاعات لحياة اشخاص اخرين من الصدمة
    موضوع جميل واظن انه يستحق ان يطرح على وسائل للاعلام كحلقة تبين اثاره على شعبنا

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة